قال أبو سعيد بن أبي الخير : «ليس في الجبة غير الله» (١) ، وأنشد الشبلي في هذا المعنى :
تباركت خطراتي في تعالائي |
|
فلا إله إذا نكرت آلالي! |
قال الواسطي : أخبر الله تعالى بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) أن البشرية في نبيه صلىاللهعليهوسلم عارية وإضافة دون الحقيقة.
وقال : أظهر النعوت في محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ.)
وقال الحسين : لم يظهر الحق تعالى مقام الجمع على أحد بالتصريح إلا على أخصّ اسمه وأشرفه ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) ، أسقط الوسائط عند تحقيق الحقائق ، فأبقى رسومها ، وقطع حقائقها ، فمن بايع النبي صلىاللهعليهوسلم بايع الله على الحقيقة ؛ فإن تلك بيعة الله ؛ لأن يده في تلك البيعة يد عارية.
قال القاسم النصرآبادي في وقت الاستنفار إلى الروم : ها قد ظهرت صفة البيعة فهل من راغب فيها ، بيعة بلا واسطة : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) إلخ ، وقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) : زيادة التصريح في مقام عين الجمع ورسمه أن سنته القديمة غالبة على علل العبودية.
قال بعضهم : منة الله عليهم في الهداية إلى هذه البيعة أعظم عليهم من بيعتهم وقال الشبلي في هذه الآية : من صحت أحواله واستقامت أفعاله أخبر الله عنه بعبارة الجمع كما عبر عن المصطفى صلىاللهعليهوسلم حين استقام مع الحق في كل أوصافه ، أخبر الله أن بيعته بيعة الحق ، وطاعته طاعة الحق ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ.)
قال الأستاذ : في هذه الآية تصريح بعين الجمع ، كما قال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (١٧))
قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) : إن الله عذر أقواما من المحبين والعارفين بالرمز في هذه الآية ، ظاهرها مع العموم ، وباطنها مع الخصوص.
__________________
(١) إشارته بما تحت الجبة إلى قلبه الذي وسع ربه ، فإنه ليس في قلبه إلا الله. وانظر : كتابنا : سلطان العارفين ، وإرشاد ذوي العقول إلى براءة الصوفية من الاتحاد والحلول.