واحد ، وهو آدم عليهالسلام ، ومصدر روح آدم نور الملكوت ، ومصدر روح آدم نور الملكوت ، ومصدر جسمه تربة الجنة في بعض الأقوال ؛ لذلك تصعد الروح إلى الملكوت ، والجسم إلى الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام : «كلّ شيء يرجع إلى أصله» (١).
قال أبو بكر النقاش : سألت الجنيد عن الأخ الحقيقي؟ فقال : هو أنت في الحقيقة إلا أنه غيرك في الهيكل.
وقال أبو عثمان الحيري : أخوة الدين أثبت من أخوة النسب ؛ فإن أخوة النسب تقطع بمخالفة الدين ، وأخوة الدين لا تقطع بمخالفة النسب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) : بيّن الله سبحانه أن أكثر الظنون يؤول إلى الفساد ، وأنها بعينها مأثمة ؛ لأنها من قبل النفس الأمّارة التي ليس لها النظر إلى العيوب ؛ فتهيم في المخاييل الشيطانية ، وذلك أن الشيطان يلقي فيها عيب المؤمنين ، ويهيجها بظنون مختلفة ، وبيّن سبحانه أن بعض الظن حقيقة إذا كان ليس من قبل النفس ، بل يكون ذلك من رؤية القلب ما جرى في الغيب ، فيتفرس بنور اليقين ؛ ولذلك وصف المؤمنين بذلك بقوله : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ.)
قال ابن شمعون : الظن ما يتردد في النفس من حيث أملها باستدلالها على حظها بوصفها ، فيتردد ، ولا يقف ، فيمكن من الإيواء إليه ، فما كان هذا وصفه فهو ظنّ.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣))
قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) أي : ليس الكريم من يكون ذا نسب ، إن الكريم من عرف الله وهابه وخضع له ، وعرف نفسه أنه خلق من التراب وما للتراب وربّ الأرباب ، ولا يفتخر بنفسه على أحد بل الفخر بالله ، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام : «أنا سيّد ولد آدم ولا فخر» (٢).
__________________
(١) ذكره المناوي في فيض القدير (٦ / ٢٩٥) بنحوه.
(٢) رواه ابن ماجه (٢ / ١٤٤٠) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٦٦٠).