أولياءه ، يستنون بسنة نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، ويسمعون القرآن ، ويفهمون معناه ، وبعضهم شاهدوا النبي صلىاللهعليهوسلم وسمعوا كلام الحق منه شفاها ، وخضعوا له إذعانا ، واستبشروا بروح الله وروح خطابه استبشارا.
قال ابن عطاء : تعجّبت الجن من بركات القرآن ، لما سمعوه وجدوا في قلوبهم روحا ، وفي أسرارهم نورا ، وعلى أرواحهم راحة ، وفي أبدانهم نشاطا للائتمار بأوامره ، فقالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) أي : كتابا عجيب البركة ، ثم وصف بركته بقوله : (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) : يهدي إلى معدنه ، وهو الذات القديم.
قال الجنيد : إلى الوصول إلى الله ، وهو الرشد.
(وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢))
قوله تعالى : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) علت عظمة جلاله عن أن يكون لها ضدّ من الأضداد ، وندّ من الأنداد ، وأن يدركه أحد بنفسه.
قال الجنيد : ارتفع بشأنه عن أن يتخذ صاحبة أو ولدا.
وقال : الذي تعالى عظمته عن أن يكون إليه سبيلا إلا به ، أو يلوثه ما أحدثه بل لا دليل على الله سواه ، ولا أثر لشيء عليه ؛ لأنه الذي أبدى الآثار.
(وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥))
قوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) أي : من يعرف ربه فلا يخش على نفسه السقوط من الدرجات ، ولا يبقى في حجب المجاهدات ، بل يبلغ إلى أنوار