المشاهدات.
قال الواسطي : حقيقة الإيمان ما أوجب الإيمان ، فمن بقي في مخاوف المرتابين لم يبلغ إلى حقيقة الإيمان.
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧))
قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ) (١) أي : لما عاينوا في أهل معارفي استقاموا في طوارقات أنوار مشاهدتي ، وصبروا في واردات بحار حقائق وجودي ؛ لأسقينا أرواحهم وعقولهم وقلوبهم مياه بحار أسراري وأنهار أنواري.
قال بعضهم : هو القيام على سبيل السنّة ، والميل إلى أهل الصلاح ؛ لكشفنا على قلوبهم ماء الوداد.
(وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١))
قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) : مساجد القلوب لزوّار تجلّيه ، فلا ينبغي أن يكون فيها ذكر غير الله.
قال ابن عطاء : مساجدك أعضاؤك التي قررت أن تسجد عليها لا تخضعها ولا تذلّلها لغير خالقها.
(قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥))
__________________
(١) الإسقاء والسقي بمعنى واحد ، وقال الراغب : السقي والسقيا هو أن تعطيه ماء ليشرب والإسقاء أن تجعل له ذلك له حتى يتناوله كيف شاء كما يقال اسقينه نهرا فالإسقاء أبلغ ، وغدق من باب علم إذا غزر وصف الماء به للمبالغة في غزارته كرجل عدل وتخصيص الماء الكثير بالذكر لأنه أصل السعة وإن كان أصل المعاش هو أصل الماء لا كثرته ولعزة وجوده بين العرب قال عمر ـ رضي الله عنهما ـ أينما كان الماء كان العشب وأينما كان العشب كان المال وأينما كان المال كانت الفتنة والمعنى لأعطيناهم مالا كثيرا وعيشا رغدا ووسعنا على الرزق في الدنيا. تفسير حقي (١٦ / ١٨٣).