الحب عليه ، وأنشد لنفسه مفردا في هواه قد ذاب شوقا مستطارا لفؤاد يعشق فردا.
قال القاسم : اتصل به اتّصالا ما رجع من رجع إلا من الطريق ، وما وصل إليه أحد فرجع عنه.
وقال بعضهم : فتح الله على النبي صلىاللهعليهوسلم أولا أسباب التأديب ، ثم أسباب التهذيب ، ثم أسباب التذويب ، ثم أسباب التغييب ، «فالتأديب» : الأمر والنهي ، و «التهذيب» : القسمة والقدرة ، و «التذويب» : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) ، و «التغييب» : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً.)
(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤) إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩))
قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : أفرد نفسه بالفردانية عن الأضداد والأنداد ، وعرف نفسه بالوحدة لحبيبه صلىاللهعليهوسلم ، فلما نفى الغير أقبله على رؤية الوحدانية بقوله : (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) أي : انقطع عليه ، فإنه حسبك على كل شيء دونه ، ويعطيك ما وعدك من الدرجات الرفيعة ، والمداناة الشريفة ، وإدخال أمتك الجنة.
قال سهل : أي : كفيلا بما وعدك من المعونة على الأمر والعصمة على النهي والتوفيق ؛ للشكر والصبر في البلوى ، والخاتمة المحمودة.
قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (١٩) : القرآن تذكرة العارفين ؛ لأنه الأنباء الصفاتية تنبئ كل كلمة عن صفة الله الأزلي ، ويرشده بنوره إلى معدنه من الذات ، كأنه سراج قلب كل صادق محبّ موافق يسيرون إليه ، فلكلّ منه إلى الحق سبيلا يسلك فيه إلى الله وسيلة أكثر من نجوم السماء ، أمرهم أن يتخذ كل واحد منهم سبيله الذي اختصه الله به ، فهو سبيل الهدى يبلغه إلى معادن القدم ، وأماكن البقاء ؛ لذلك قال لحبيبه : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) ، قبل القرآن موعظة للمتّقين ، وطريق للسالكين ، ونجاة للهالكين ، وبيان للمستبصرين ، وشفاء للمتحيرين ،