قال الجنيد : ما تكن صدورهم من محبته ، وما يعلنون من خدمته.
(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩))
قوله تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) التوكل عند العارف البقلي السكون على اصطفائيته السابقة بعد اطلاعه عليها حين عرف نعت الرضا عن الله في مشاهدة الله.
قال بعضهم : التوكل سكون القلب إلى الله ، واطمئنان الجوارح عند مصادمة المهولات حينئذ يظهر للمتوكل الثقة بالله.
(إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١) وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦))
قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) الميت من ليس له استعداد قبول معرفة الحقيقة بغير الدلائل ، والأصم من كان أذن قلبه مسدودة بغواشي القهر ، ومن كان بهذه الصفة لا يقبل إلا ما يليق بطبعه وشهواته.
قال بعضهم : الميت على الحقيقة من خلى عن المعصية ورد إلى الحول.
وقال يحيى بن معاذ : العارفون بالله لله أحياء ، وما سواهم موتى (١).
(وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) إذا
__________________
(١) أخطأ بوهمه من أنكر بهذه الآية سماع الصالحين ، فإن الجمهور على حياة الروح ، وسماع المسلمين منهم بالأحياء ، وجواز التوسل والاستغاثة بهم بعد الممات ، وانظر كتابينا : «الدلائل الواضحات في جواز التوسل والاستغاثة بالأولياء بعد الممات» ، وكذا جمع المقال في إثبات الكرامات في الحياة وبعد الانتقال».