ولكنّ الواقع أنّ اولئك وهؤلاء لم يكونوا موفّقين كلّ التوفيق في عملهم ذاك ، ولم يكونوا معصومين من الخطأ ، بل لم يكن بعضهم مخلصا في قيامه بتلك المهمّة ، إذ لم تخل الكتب التي وضعوها لجمع «الموضوعات» من الأحاديث الصحيحة ، كما لم تسلم الكتب التي سمّوها ب «الصحاح» من الأحاديث الموضوعة. هذا حال الأحاديث لدى أهل السنّة باختصار.
وكذا الحال في أحاديث الإماميّة ، فما أكثر الأحاديث المدسوسة في كتبهم من قبل المخالفين وأصحاب المذاهب والآراء الفاسدة ، ولقد كان في زمن كل إمام من الأئمّة عليهم الصلاة والسلام من يضع الأحاديث عن لسانه وينسبها إليه ، وينشرها بين الشيعة ، ويضعها في متناول أيدي رواتهم ، حتى تسرّبت إلى مجاميعهم الحديثيّة.
فقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال : «إنّ لكلّ رجل منّا رجل يكذب عليه» (١).
وقال : «إنا أهل البيت صادقون ، لا تحلو من كذّاب يكذب علينا» (٢).
وقال : «لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدّمة ، فإن المغيرة بن سعيد دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث ...» (٣).
ولذا ، فإنّهم عليهمالسلام جعلوا الكتاب والسنّة ميزانا لأحاديثهم يعرض عليهما ما روي عنهم فما وافقهما اخذ به ، وما خالفهما ردّ على صاحبه.
__________________
(١) المعتبر في شرح المختصر للمحقّق الحلّي : ٢.
(٢) رجال الكشي : ٥٩٣.
(٣) رجال الكشي : ترجمة المغيرة بن سعيد.