«وقد استوفينا الكلام في هذا المعنى وفيما يتعلق بالقرآن في كتابنا الموسوم ب (علم اليقين) فمن أراده فليرجع إليه» (١).
وفي هذا الكتاب ذكر أن المستفاد من كثير من الروايات أنّ القرآن بين أظهرنا ليس بتمامه كما انزل ، ثم ذكر كلام الشيخ علي بن إبراهيم ، وروايتي الكليني عن ابن أبي نصر وسالم بن سلمة ، ثم قال : «أقول : يرد على هذا كلّه إشكال وهو أنه على ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن ، إذ على هذا يحتمل كلّ آية منه أن تكون محرّفة ومغيّرة ، ويكون على خلاف ما أنزله الله ، فلم يبق في القرآن لنا حجّة أصلا ، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتّباعه والوصية به ، وأيضا قال الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) وأيضا قال الله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) وأيضا ، قد استفاض عن النبي والأئمة حديث عرض الخبر المروي عنهم على كتاب الله».
ثمّ قال : «ويخطر بالبال في دفع هذا الإشكال ـ والعلم عند الله ـ أن مرادهم بالتحريف والتغيير والحذف إنما هو من حيث المعنى دون اللّفظ أي : حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله ، أي : حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر ، فمعنى قولهم ، كذا انزلت ، أنّ المراد به ذلك لا ما يفهمه الناس من ظاهره ، وليس مرادهم أنها نزلت كذلك في اللّفظ ، فحذف ذلك إخفاء للحق ، وإطفاء لنور الله.
ومما يدلّ على هذا ما رواه في الكافي بإسناده عن أبي جعفر أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير : وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده».
ثمّ أجاب عن الروايتين وقال : «ويزيد ما قلناه تأكيدا ما رواه علي بن
__________________
(١) الوافي ٢ : ٤٧٨.