لكنّ هذا يبتني على أن يكون مراد القمي من «ما هو محرّف منه» هو الحذف والإسقاط للفظ ، ... وأمّا إذا كان مراده ما ذكره الفيض نفسه من «أنّ مرادهم بالتحريف والتغيير والحذف إنّما هو من حيث المعنى دون اللفظ ، أي حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله ، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر» فلا وجه لنسبة القول بالتحريف ـ بمعنى النقصان ـ إلى القمي بعد عدم وجود تصريح منه بالاعتقاد بمضامين الأخبار الواردة في تفسيره ، والقول بما دلّت عليه ظواهرها ، بل يحتمل إرادته المعنى الذي ذكره الفيض كما يدلّ عليه ما جاء في رسالة الإمام إلى سعد الخير فيما رواه الكليني.
مضافا الى أنّ القمي نفسه روى في تفسيره بإسناده عن مولانا الصادق عليهالسلام قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعلي عليهالسلام : القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس ، فخذوه واجمعوه ولا تضيّعوه كما ضيّع اليهود التوراة» (١).
ويؤكّد هذا الاحتمال كلام الشيخ الصدوق ، ودعوى الإجماع من بعض الأكابر على القول بعدم التحريف.
ثم إن الأخبار الواردة في تفسير القمي ليست كلّها للقمي رحمهالله بل جلّها لغيره ، فقد ذكر الشيخ آغا بزرك الطهراني أنّ القمي اعتمد في تفسيره على خصوص ما رواه عن الصادق عليهالسلام ، وكان جلّه ممّا رواه عن والده إبراهيم بن هاشم عن مشايخه البالغين إلى الستين رجلا ...
قال : «ولخلو تفسيره هذا عن روايات سائر الأئمة عليهمالسلام ، عمد تلميذه الآتي ذكره والراوي لهذا التفسير عنه ، على إدخال بعض روايات الإمام
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٥٦٢ ـ ٥٦٩ وقد تقدّمت عبارته.