عدم جزمه بصدور أحاديث كتابه عن المعصوم عليهالسلام.
نعم قد يقال : إنّ أحاديث «الكافي» إن لم تكن قطعية الصدور فلا أقل من صحتها إسنادا ، ذلك لأنّ مؤلّفه قد شهد ـ نتيجة بذله غاية ما وسعه من الجهد في التحري والاحتياط ـ بصحّة جميع أحاديث كتابه حيث قال في المقدمة : «وقلت : إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلّم ، ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهمالسلام ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّى فرض الله عزوجل وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم».
فإن ظاهر قوله «بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهمالسلام» اعتقاده بصحّة ما أورده في كتابه.
ولكنّ هذا ـ بغض النظر عما قالوا فيه (١) ـ لا يستلزم وثوق الشيخ الكليني بدلالة كلّ حديث موجود في كتاب حتى ينسب إليه ـ بالقطع واليقين ـ القول بمداليل جميع رواياته ، ويؤكد هذا قوله : «ونحن لا نعرف من جميع ذلك» بل ويؤكّده أيضا ملاحظة بعض أحاديثه.
توضيح ذلك : أنّه ـ رحمهالله ـ روى ـ مثلا ـ أحاديث في كتاب الحج من فروعه تفيد أنّ الذبيح كان (إسحاق) لا (إسماعيل) ، ومن تلك الأحاديث ما رواه عن أحدهما عليهماالسلام : «وحج إبراهيم عليهالسلام هو وأهله وولده ، فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه».
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، معجم رجال الحديث ، وغيرهما ، وقد جاء في المفاتيح : ٣٣٢ عن المحدث الجزائري وغيره التصريح بأنّه ليس في كلام الكليني ما يدل على حكمه بصحة أحاديث كتابه.