أنّ العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء».
وقال : «إنّ القرآن كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مجموعا مؤلّفا على ما هو عليه الآن ...».
«واستدلّ على ذلك بأنّ القرآن كان يدرّس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنّه كان يعرض على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتلى عليه ، وأنّ جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وابيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عدّة ختمات.
كل ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعا مرتّبا غير مبتور ولا مبثوث».
«وذكر أنّ من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخبارا ضعيفة ظنّوا بصحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته» (١).
ولقد عرف واشتهر هذا الرأي عن الشريف المرتضى حتى ذكر ذلك عنه كبار علماء أهل السنّة ، وأضافوا أنّه كان يكفّر من قال بتحريف القرآن ، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن حزم قوله فيه : «كان من كبار المعتزلة الدعاة ، وكان إماميا ، لكنّه يكفّر من زعم أنّ القرآن بدّل أو زيد فيه ، أو نقص منه ، وكذا كان صاحباه أبو القاسم الرازي وأبو يعلى الطوسي» (٢).
__________________
(١) نقل هذا في مجمع البيان ١ : ١٥ ، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى.
(٢) لسان الميزان ٤ : ٢٢٤ ، ولا يخفى ما فيه من الخلط والغلط.