يدّعي حروفا كثيرة ...» (١).
ولقد نسب هذا القول إلى الحشوية من أهل السنّة والجماعة ـ وهم أصحاب أبي الحسن البصري ـ فإنّهم ذهبوا إلى وقوع التحريف في القرآن تغييرا ونقصانا (٢).
وفي كلام النحّاس : إنّ العلماء تنازعوا حديث عائشة في الرضاع ، فردّه جماعة وصحّحه آخرون ، قال :
«وأمّا قول من قال : إنّ هذا كان يقرأ بعد وفاة رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ فعظيم ...» وستأتي عبارته كاملة.
ومن الواضح : أنّه إذا كان يقرأ بعد وفاته ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في أصل القرآن وأنّه لا نسخ بعده ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بالإجماع ... فهو إذا ساقط من القرآن ، فالقرآن محرّف ... ومن ثمّ استعظم النّحّاس هذا القول.
وأمّا توجيه البيهقي لهذا الحديث : فإقرار منه بأنّ هذا كان من القرآن حتى بعد وفاة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكان المسلمون يتلونه في أصل القرآن.
وزعمه : أنّ الآية كانت منسوخة على عهده ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأنّ الّذين كانوا يتلونها لم يبلغهم النسخ ، عار عن الصحّة ولا دليل يدلّ عليه ، على أنّا نقطع بأنّه كما كان النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ينشر سور القرآن وآياته ويأمر بقراءتها بمجرّد نزولها ، فإنّه كان عليه ـ على فرض وجود النسخ بصورة عامّة ـ أن يذيع ذلك بين الامّة ويبلّغهم جميعا ليطّلع الكلّ على ذلك ، كما
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١ : ٨١ ـ ٨٢.
(٢) مجمع البيان وغيره.