كان يفعل بالنسبة إلى نشر الآيات والسور النازلة.
على أنّ كلامه يستلزم أن تكون الآية من القرآن وأن لا تكون منه في وقت واحد ، وهو باطل ... وسيأتي مزيد بحث حوله في «الفصل الرابع».
وقال الشعراني (١) : «ولو لا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبيّنت جميع ما سقط من مصحف عثمان» (٢).
وقال الزرقاني ـ في بيان الأقوال في معنى حديث نزول القرآن على سبعة أحرف ـ ما نصّه : «وهو : أنّ المراد بالأحرف : السبعة أوجه من الألفاظ المختلفة في كلمة واحدة ومعنى واحد ، وإن شئت فقل : سبع لغات من لغات العرب المشهورة في كلمة واحدة ومعنى واحد ، نحو : هلمّ وأقبل وتعال وعجّل وأسرع وقصدي ونحوي ، فهذه ألفاظ سبعة معناها واحد هو : طلب الإقبال.
وهذا القول منسوب لجمهور أهل الفقه والحديث ، منهم : سفيان ، وابنه وهب ، وابن جرير الطبري ، والطحاوي».
قال : «إنّ أصحاب هذا القول ـ على جلالة قدرهم ونباهة شأنهم ـ قد وضعوا أنفسهم في مأزق ضيق ، لأنّ ترويجهم لمذهبهم اضطرّهم إلى أن يتورّطوا في امور خطرها عظيم ، إذ قالوا : إنّ الباقي الآن حرف واحد من السبعة التي نزل عليها القرآن ، أمّا الستّة الاخرى فقد ذهبت ولم يعد لها وجود البتّة ، ونسوا أو تناسوا تلك الوجوه المتنوّعة القائمة في القرآن على جبهة الدهر إلى اليوم.
ثمّ حاولوا أن يؤيّدوا ذلك فلم يستطيعوا أن يثبتوا للأحرف السّتة التي
__________________
(١) الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني ، من فقهاء الحنفية ومن علماء المتصوّفين ، له مؤلفات كثيرة في الحديث والمواعظ والتراجم وغيرها من العلوم ، توفّي سنة ٩٧٣ ، وله ترجمة في الشذرات ٨ : ٣٧٢ وغيرها.
(٢) الكبريت الاحمر ـ المطبوع على هامش اليواقيت والجواهر : ١٤٣.