لا يثبت إلّا بالتواتر ، ولم تثبت سنّة فتجعلها بيانا للقرآن ، ولا بدّ من القول بنسخها لئلّا يلزم ضياع شيء من القرآن ، وقد تكفّل الله بحفظه وانعقد الإجماع على عدم ضياع شيء منه ، والأصل أن ينسخ المدلول بنسخ الدالّ لا أن يثبت خلافه. وعمل عائشة به ليس حجّة على إثباته ، وظاهر الرواية عنها أنّها لا تقول بنسخ تلاوته فيكون من هذا الباب.
ويزاد على ذلك أنّه لو صحّ أنّ ذلك كان قرآنا يتلى لما بقي علمه خاصّا بعائشة ، بل كانت الروايات تكثر فيه ويعمل به جماهير الناس ويحكم به الخلفاء الراشدون ، وكل ذلك لم يكن ، بل المرويّ عن رابع الخلفاء وأول الأئمّة الأصفياء القول بالإطلاق كما تقدّم ، وإذا كان ابن مسعود قد قال بالخمس فلا يبعد أنّه أخذ ذلك عنها ، وأمّا عبد الله بن الزبير فلا شك في أنّ قوله بذلك اتّباع لها ، لأنّها خالته ومعلّمته ، واتّباعه لها لا يزيد قولها قوّة ولا يجعله حجّة.
ثمّ إنّ الرواية عنها في ذلك مضطربة ، فاللفظ الذي أوردناه في أول السياق رواه عنها مسلم وكذا أبو داود والنسائي ، وفي رواية لمسلم : نزل في القرآن عشر رضعات معلومات ثمّ نزل أيضا خمس معلومات. وفي رواية الترمذي : نزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات ، فتوفي رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والأمر على ذلك. وفي رواية ابن ماجة : كان فيما أنزل الله ـ عزوجل ـ من القرآن ثمّ سقط : لا يحرّم إلّا عشر رضعات أو خمس رضعات.
فهي لم تبيّن في شيء من هذه الروايات لفظ القرآن ولا السورة التي كان فيها ، إلّا أن يراد برواية ابن ماجة أنّ ذلك لفظ القرآن ...
ـ ثمّ قال بعد إيراد تأويل قاله «الجامدون على الروايات من غير