فعظيم ، لأنّه لو كان ممّا يقرأ لكانت عائشة قد نبّهت عليه ، ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الّذين لا يجوز عليهم الغلط. وقد قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) وقال : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ...) ولو كان بقي منه شيء لم ينقل إلينا لجاز أن يكون ممّا لم ينقل ناسخا لما نقل ، فيبطل العمل بما نقل ، ونعوذ بالله من هذا فإنّه كفر» (١).
وقال السرخسي : «والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) ... وبه يتبيّن أنّه لا يجوز نسخ شيء منه بعد وفاته ـ صلىاللهعليهوآله ـ وما ينقل من أخبار الآحاد شاذّ لا يكاد يصحّ شيء منها ، وحديث عائشة لا يكاد يصحّ» (٢).
وقال الزركشي في الكلام على آية الرضاع : «وحكى القاضي أبو بكر في الانتصار عن قوم إنكار هذا القسم ، لأنّ الأخبار فيه أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجّيّة فيها» (٣).
وقال صاحب المنار : «وروي عنها أيضا أنّها قالت : كان فيما نزل من القرآن : (عشر رضعات معلومات يحرمن) ثمّ نسخن ب (خمس رضعات معلومات يحرمن) فتوفي النبي وهي فيما يقرأ من القرآن. وقد اختلف علماء السلف والخلف في هذه المسألة ... ورواية الخمس هي المعتمدة عن عائشة وعليها العمل عندها ... قال الذاهبون إلى الإطلاق أو إلى التحريم بالثلاث فما فوقها : إنّ عائشة نقلت آية الخمس نقل قرآن لا نقل حديث ، فهي لم تثبت قرآنا لأنّ القرآن
__________________
(١) الناسخ والمنسوخ : ١٠ ـ ١١.
(٢) الاصول ٢ : ٧٨.
(٣) البرهان في علوم القرآن ٢ : ٣٩ ـ ٤٠.