عن عمرة من مقداره في العلم وضبطه له فوق مقدار عبد الله بن أبي بكر وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر ... فهذا الحديث أولى من الحديث الذي ذكرناه قبله ... لأنّ محالا أن يكون عائشة تعلم أن قد بقي من القرآن شيء لم يكتب في المصاحف ، ولا تنبّه على ذلك من أغفله ...
وممّا يدلّ على فساد ما قد زاده عبد الله بن أبي بكر على القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث : أنّا لا نعلم أحدا من أئمّة أهل العلم روى هذا الحديث مع عبد الله بن أبي بكر غير مالك بن أنس. ثمّ تركه مالك فلم يقل به وقال بضدّه ، وذهب إلى أنّ قليل الرضاع وكثيره يحرّم. ولو كان ما في هذا الحديث صحيحا أنّ ذلك في كتاب الله لكان ممّا لا يخالفه ولا يقول بغيره» (١).
وقال النحّاس بعد ذكر حديث آية الرضاع : «فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الإشكال ، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس وهو راوي الحديث ... وممّن تركه أحمد بن حنبل وأبو ثور ...
وفي الحديث لفظة شديدة الإشكال ، وهو قولها : فتوفي رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وهنّ ممّا يقرأ في القرآن. فقال بعض أجلّة أصحاب الحديث : قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبد الله بن أبي بكر ، فلم يذكرا أنّ هذا فيها ، وهما : القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ويحيى بن سعيد الأنصاري. وممّن قال بهذا الحديث وأنّه لا يحرم إلّا بخمس رضعات : الشافعي.
وأمّا القول في تأويل «وهنّ ممّا يقرأ في القرآن» فقد ذكرنا ردّ من ردّه ، ومن صحّحه قال : الذي يقرأ من القرآن : (وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ).
وأمّا قول من قال : إنّ هذا كان يقرأ بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ
__________________
(١) مشكل الآثار ٣ : ٧ ـ ٨.