المشكلة كما عرفت ، ولذا اضطرّ بعضهم إلى القول بأنّها محرّفة ، والتزم بالإشكال بعض آخر ، ومنه قول ابن قتيبة : «ليست تخلو من أن تكون على مذهب من مذاهب أهل الإعراب أو تكون غلطا من الكاتب كما ذكرت عائشة ، فإن كانت على مذاهب النحو والنحويّين فليس هاهنا لحن والحمد لله ، وإن كانت على خطأ في الكتاب فليس على الله ولا على رسوله جناية الكاتب في الخطّ» (١).
٣ ـ إنّ مصادرة كتاب «الفرقان» ـ إن كانت لأجل إثبات «اللحن» في الكتاب ـ لا تحلّ المشكلة بشكل من الأشكال ، فإنّ صاحب هذا الكتاب ينقل الآثار المتضمّنة لهذا المعنى عن الكتب المعتبرة والتي اخرجت فيها تلك الآثار بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين ، ثمّ يؤكّدها بقوله : «ليس ما قدّمناه من لحن الكتاب في المصحف بضائره أو بمشكّك في حفظ الله تعالى له ، بل إنّ ما قاله ابن عبّاس وعائشة وغيرهما من فضلاء الصحابة وأجلّاء التابعين ادعى لحفظه وعدم تغييره وتبديله. وممّا لا شكّ فيه أنّ كتّاب المصحف من البشر يجوز عليهم ما يجوز على سائرهم من السهو والغفلة والنسيان. والعصمة لله وحده ...
ومثل لحن الكتّاب كلحن المطابع ...» (٢).
وعلى هذا الأساس يدعو هذا المؤلف إلى تغيير الرسم العثماني وجعل الألفاظ كما ينطق بها اللسان وتسمعها الآذان ، بل ينقل عن العزّ ابن عبد السلام أنّه قال بعدم جواز كتابة المصحف بالرسم الأول ... (٣).
أقول : إنّ مسألة الرسم والخطّ هي أيضا من المشاكل المترتّبة على القول
__________________
(١) مشكل القرآن : ٤٠.
(٢) الفرقان : ٤١ ـ ٤٦.
(٣) الفرقان : ٥٨.