أنّ هذه الآية التي زعموا نسخ تلاوتها كانت في سورة الأحزاب لا في سورة النور ، وأمّا الضرب الذي نسخت تلاوته وحكمه معا فشاهده المشهور في كتب الناسخ والمنسوخ ما ورد عن عائشة أنّها قالت : كان فيما انزل من القرآن ...](١) وجميع ما ذكروه منها أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجّة فيها.
وبهذا الرأي السديد أخذ ابن ظفر في كتابه الينبوع ، إذ أنكر عدّ هذا ممّا نسخت تلاوته ، قال : لأنّ خبر الواحد لا يثبت القرآن» (٢).
وقال مصطفى زيد وهو ينكر نسخ التلاوة دون الحكم : «وأمّا الآثار التي يحتجّون بها ... فمعظمها مرويّ عن عمر وعائشة ، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار عنهما ، بالرغم من ورودهما في الكتب الصحاح ... وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتّفق ومكانة عمر ولا عائشة ، ممّا يجعلنا نطمئنّ إلى اختلاقها ودسّها على المسلمين» (٣).
وقال الخضري : «لا يجوز أن يرد النسخ على التلاوة دون الحكم ، وقد منعه بعض المعتزلة وأجازه الجمهور ، محتجّين بأخبار آحاد لا يمكن أن تقوم برهانا على حصوله. وأنا لا أفهم معنى لآية أنزلها الله تعالى لتفيد حكما ثم يرفعها مع بقاء حكمها» (٤).
هذا ، وستأتي كلمات بعض أعلامهم في خصوص بعض الآثار.
وكذا أنكر المحقّقون من الإمامية القسمين المذكورين من النسخ ..
__________________
(١) ما بين القوسين مذكور في الهامش.
(٢) مباحث في علوم القرآن : ٢٦٥ ـ ٢٦٦.
(٣) النسخ في القرآن ١ : ٢٨٣.
(٤) تاريخ التشريع الاسلامي.