قال الدار قطني : سمعت أحمد بن عبيد الله المنادي يقول : كنّا في دهليز عثمان ابن أبي شبية فخرج إلينا فقال : (ن وَالْقَلَمِ) في أيّ سورة هو؟
قال : وأمّا بيان إعراضهم عن الفقه شغلا بشواذّ الأحاديث ، فقد رويت عنهم عجائب ... وقفت امرأة على مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف ابن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث ، فسمعتهم يقولون : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، ورواه فلان ، وما حدّث به غير فلان ، فسألتهم المرأة عن الحائض تغسل الموتى ـ وكانت غاسلة ـ؟ فلم يجبها أحد منهم ، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ، فأقبل أبو ثور فقالوا لها : عليك بالمقبل ، فالتفتت إليه فسألته فقال : نعم تغسل الميت بحديث عائشة : إنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال لها : حيضك ليست في يدك ، ولقولها : كنت أفرق رأس رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بالماء وأنا حائض ، قال أبو ثور : فإذا فرقت رأس الحيّ فالميّت أولى به ، فقالوا : نعم ، رواه فلان وحدّثنا فلان ؛ وخاضوا في الطرق ، فقالت المرأة : فأين كنتم إلى الآن؟!» (١).
قال : «وقد كان فيهم مع كثرة سماعه وجمعه للحديث من يرويه ولا يدري ما معناه ، وفيهم من يصحّفه ويغيره ... أخبرنا الدار قطني : أنّ أبا موسى محمد بن المثنّى العنزي قال لهم يوما : نحن قرم لنا شرف ، نحن من عنزة قد صلّى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إلينا ، لما روي أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ صلّى الى عنزة ، توهّم أنّه صلّى إلى قبلتهم ، وإنّما العنزة التي صلّى إليها رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ هي حربة» (٢).
__________________
(١) آفة أصحاب الحديث ـ بتحقيق وتقديم وتعليق علي الحسيني الميلاني ـ : ٤٤.
(٢) المصدر نفسه : ٤٦.