الأول : «إنّ هذه الأحاديث أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا ، ودعوى التواتر فيها جزافية لا دليل عليها ، ولم يذكر من هذه الروايات شيء في الكتب الأربعة».
أقول : ولكنّ إنكار تواتر هذه الأحاديث لا يفيد في دفع الشبهة.
وقوله : «لم يذكر ...» :
فيه : إنّ منها ما أخرجه الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) ، فقد جاء فيه في باب فرض الصلاة : «وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يكون في هذه الامة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة» (١).
الثاني : لو سلّم تواتر هذه الأحاديث في السّند وصحّتها في الدلالة لما ثبت بها أنّ التحريف قد وقع فيما مضى من الزمن ، فلعلّه يقع في المستقبل زيادة ونقيصة.
أقول : ولكن تجويز وقوع ذلك سواء في الماضي أو المستقبل ، ينافي ما تقدّم من الأدلّة القويمة والشواهد الرصينة على امتناعه ، لا سيّما وإن الله سبحانه قد وعد وضمن حفظ القرآن إلى يوم القيامة.
الثالث : إنّ المراد بالمماثلة والمشابهة ليس من جميع الوجوه ، وإنّما المراد بها المماثلة من بعض الوجوه.
أقول : وبهذا الجواب اكتفى السيد الطباطبائي (٢) وهو الصحيح ، فإنّ كثيرا من القضايا التي وقعت في الامم السالفة لم تقع في هذه الامة ، وبعضها لن يقع أصلا ، ومنها ما سيقع في المستقبل قطعا.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٠٣.
(٢) الميزان ١٢ : ١٢٠.