وربما يحصل لها لاجل تخصصها بخصوصية شديدة الملاءمة معها مزية فيها كما في الصلاة في المسجد والامكنة الشريفة (١) ، وذلك لأن الطبيعة
______________________________________________________
والملاءمة مزية هي مزية للطبيعة بنفسها ووقوعها فيما فيه الحزازة يوجب نقصان مزيتها التي هي للطبيعة المجردة عن منافر أو ملائم ، وان كان لا بد من الالتزام بان هذه الحزازة لا توجب سقوطها عن حد الالزام أو حد الاستحباب ، وإلّا لما بقى امرها ولما وقعت عبادة صحيحة مقصودا بها امتثال امرها.
نعم لا بد من الالتزام بان ثواب الصلاة المقترنة بالحزازة اقل من ثواب الصلاة المجردة عن الحزازة والملاءمة ، وثواب الصلاة المجردة اقل من ثواب الصلاة المقترنة بما يلائمها ويناسبها.
فاذا عرفت هذا فالنهي في هذا القسم يمكن ان يحمل على الارشاد إلى الحزازة التي تقترن بالصلاة في الحمام مما تؤثر على مزيتها التي تكون للطبيعة المجردة وتنقص ثوابها بالنسبة إلى الثواب المقرر لها فيما اذا وقعت مجردة عن هذه الحزازة.
ولعل هذا مراد من قال ان الكراهة في العبادة هي بمعنى انها اقل أي انها اقل ثوابا من الثواب المقرر للطبيعة المجردة.
(١) هذا دفع توهم يمكن ان يتوهم بان الكون في الحمام اذا لم يكن في ذاته منقصة وحزازة كيف يكون موجبا للحزازة والمنقصة في الصلاة؟
والجواب عنه : انه لا منافاة بين ان يكون الشيء بذاته لا يؤثر اثرا ولكنه مع اجتماعه بشيء آخر يكون مؤثرا وهذا مشاهد في كثير من الأشياء ، فان السكنجبين مثلا له اثر وهو دفع الصفراء ولكنه لو مزج بالماء البارد يكون رافعا للحمى ، وليس الماء البارد بنفسه رافعا لها ولا السكنجبين الممتزج بالماء الحار رافعا لها.
وربما يكون مزج الشيء موجبا لنقصان في تأثيره كما في بعض انواع المسهل فانه لو مزج بالماء الحار يؤثر أثرا شديدا ، ولو مزج بالماء البارد يقل تأثيره ، ولو مزج بالماء الفاتر يؤثر اثرا متوسطا وليس للماء بجميع اقسامه اثر في الاسهال.