.................................................................................................
______________________________________________________
ومن الواضح ان المكلف قادر على شرب هذا الخمر التي يعالج بها الداء المنحصر علاجه بها بان يتناول ذلك الشيء المسبب للداء المتوقف على شربها ، وقادر على تركها بترك تناول ذلك الشيء ، واذا كان قادرا بالفعل على الفعل والترك صح تكليفه وتوجه الخطاب اليه بالفعل وليس خطابه من السالبة بانتفاء الموضوع.
نعم الواقع في المهلكة لا بسوء اختياره يجوز له شرب الخمر المنحصر دفع تلك المهلكة به ولكنه خارج عن الفرض ، وحال شرب الخمر التي يوقع نفسه باختياره في المهلكة المتوقف دفعها عليه حال الخروج للداخل الى الدار المغصوبة بسوء اختياره.
وقد عرفت ايضا ان العقل بعد الدخول يرشده الى ارتكاب الخروج لكونه اخف القبيحين ، وكذلك من أوقع نفسه بسوء اختياره في استعمال ما يتوقف علاجه على شرب الخمر ، فانه بعد علمه بذلك واستعماله بسوء اختياره لما فيه المهلكة يرشده العقل الى شرب الخمر من باب انه اخف القبيحين ، لان هلاك النفس اشد محذورا من شرب الخمر ، والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((ومن هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا وتخلصا عن المهلكة)) في انه انما يكون مطلوبا على كل حال حيث لا يوقع نفسه باختياره في المهلكة وهو الذي اشار اليه بقوله : ((وانه انما يكون مطلوبا على كل حال لو لم يكن الاضطرار اليه بسوء الاختيار)).
واما النحو الثاني : وهو ما كان منهيا عنه وهو شرب الخمر التي اوقع المكلف نفسه باختياره فيما يتوقف علاجه به فهو باق على حرمته ، واليه اشار بقوله : ((وإلّا فهو على ما هو عليه من الحرمة)).
وقد اشار الى انه بعد وقوعه في المهلكة باختياره يرشده العقل الى استعمال الخمر لكونه اقل القبيحين بقوله : ((وان كان العقل يلزمه ارشادا الى ما هو اهم واولى بالرعاية)) وهو حفظ النفس عن الهلاك فانه اولى ((من تركه)) : أي اولى من ترك شرب الخمر.