.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث : ان العبادة ما لا يعلم انحصار المصلحة فيها في شيء : أي ان العبادة هي التي لم يعلم المصلحة الداعية الى الأمر بها ، بخلاف غير العبادة فان مصلحة الأمر فيها معلومة ، فان غسل القذر ـ مثلا ـ مصلحته ازالة القذر ، ودفن الميت ـ مثلا ـ مصلحته ستر الميت عما يحدث في بدنه بعد الموت وحفظ الأحياء من ضرر ذلك.
ويرد عليه : أنه غير مانع.
أولا : لأن بعض المعاملات ـ أيضا ـ لا يعلم مصلحتها كاشتراط كون صيغة النكاح أو صيغة البيع ماضوية ، وكاشتراط التنجيز في المعاملة.
وثانيا : انه منقوض عكسا : أي أنه غير جامع لان بعض العبادات المصلحة فيها معلومة كالزكاة ـ مثلا ـ.
وقد أورد المصنف على جميع الثلاثة بايراد يشملها ، وحاصله :
ان ظاهر التعريف الأول وهو ما أمر به لأجل التعبد ان وجود الأمر وتعلقه بها شرط في تحقق عنوان العبادة ، ومفروض محل النزاع ان العبادة التي هذا تفسيرها هي متعلقة للنهي ، ومن الواضح انه لا يعقل ان يتعلق النهي بالشيء بما هو متعلق للأمر بالفعل.
وكذلك التعريف الثاني وهو ما يتوقف صحته على النية فان الظاهر أن العبادة المتعلق بها النهي لها صحة بالفعل تتوقف الصحة فيها على النية ، وفرض كون ان لها صحة بالفعل على النية هو كونها متعلقة للأمر ، وقد عرفت انه لا يعقل ان يتعلق النهي بالمأمور به بما هو مأمور به.
وكذلك أيضا التعريف الثالث وهو ما لا يعلم انحصار مصلحته في شيء فان الظاهر ان متعلق النهي هو الذي له مصلحة بالفعل ولكن لا يعلم ما هي وكونه له مصلحة بالفعل يتوقف على ان لا يتعلق به نهي ، فان تعلق به لا بد وأن يكون لمفسدة غالبة على مصلحته ، والفعل ذو المصلحة المغلوبة كالفعل الذي لا مصلحة فيه.
فاتضح ان الفعل الذي له مصلحة بالفعل لا يتعلق به النهي.