لانه يقال : نعم ، وإن كان ارتفاعه بارتفاع منشأ انتزاعه ، إلا أن نسبة حديث الرفع ـ الناظر إلى الادلة الدالة على بيان الاجزاء ـ إليها نسبة الاستثناء ، وهو معها يكون دالة على جزئيتها إلا مع الجهل بها ، كما لا يخفى ، فتدبر جيدا (١).
______________________________________________________
رفع الامر الانتزاعي يكون دالا على رفع منشأ انتزاعه ، فدليل البراءة الجاري في رفع الجزئية المشكوكة التي هي الامر الانتزاعي يدل على رفع منشأ انتزاعه وهو الامر بالاكثر ، إلّا ان هذا المقدار لا يجدي في الانحلال ، بل الانحلال منوط بكون الامر بالاقل مقطوع الفعلية ولا يثبت ذلك إلّا اذا كانت مثبتات الاصول حجة. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((لا يقال)) ان جريان دليل البراءة في الجزء المشكوك لا يكون موجبا للانحلال لانه ((انما يكون)) موجبا ل ((ارتفاع الامر الانتزاعي)) المنوط ((برفع منشأ انتزاعه و)) من الواضح ان منشأ انتزاعه ((هو الامر الاول)) وهو الامر بالاكثر ((ولا دليل)) لنا ((آخر على أمر آخر)) وهو الاقل المتعلق ((بالخالي عنه)) أي بالخالي عن الجزء المرفوع بدليل البراءة إلّا اذا قلنا بحجية الاصل المثبت.
(١) وحاصل الجواب : ان دليل البراءة الجاري في رفع الجزء المشكوك لا يستفاد منه الا رفع منشأ الانتزاع للجزء المشكوك وهو الامر بالاكثر ، إلّا ان ضم دليل الرفع الرافع للامر بالاكثر مع ادلة الاجزاء الخاصة كقوله : اركع واسجد وأقرأ .. الى آخره ، مع الدليل المجمل الدال على اصل المركب كاقيموا الصلاة ـ يدل على استثناء الجزء المشكوك في حال الجهل ، ولو لا دليل البراءة لكان العلم الاجمالي موجبا لاتيان الجزء المشكوك في حال الجهل بجزئيته الواقعية.
وبعبارة اخرى : ان ادلة الاجزاء والشرائط : منها ما هو ظاهر في كون المأمور به شرطا او جزءا واقعا من الصلاة المأمور بها ، كقوله لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ، ولا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة ، ولا تعاد الصلاة الا من خمس ، وامثال ذلك.