ولا يخفى أن الاجماع هاهنا غير حاصل ، ونقله لوهنه بلا طائل ، فان تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب لو لم يكن عادة بمستحيل ، لقوة احتمال أن يكون المستند للجل ـ لو لا الكل ـ هو ما ذكر من حكم العقل (١) ، وأن الكلام في البراءة فيما لم يكن هناك علم
______________________________________________________
على المكلف فيه فيما لو خالفه وهذا معنى كون احتمال التكليف في المقام منجزا. وقد اشار الى الوجه الاول بقوله : ((إلّا انه استدل على اعتباره)) أي على اعتبار الفحص ((بالاجماع)) واشار الى الثاني بقوله : ((وبالعقل فانه)) بدعوى انه ((لا مجال لها)) أي لا مجال للبراءة النقلية ((بدونه)) أي بدون الفحص ، والسبب في حكم العقل بالفحص في البراءة النقلية مع شمول الاطلاق فيها لما قبل الفحص لان الموضوع فيها عدم العلم هو انه ((حيث يعلم اجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات بحيث لو تفحص عنه لظفر به)) ومع هذا العلم الاجمالي بهذا النحو لا مجرى لحديث الرفع لمنجزية هذا العلم الاجمالي ، ومع منجزيته لا مجرى للبراءة في اطرافه.
وبعبارة اخرى : ان البراءة النقلية انما تجري حيث لا يكون نفس احتمال التكليف منجزا وفي المقام احتمال التكليف منجز عقلا ، لحكم العقل بعدم معذورية مخالفة التكليف الذي لو فحص عنه لظفر به ، مثل النظر في معجزة مدعي النبوة.
(١) حاصله : ان الاستدلال على وجب الفحص في مورد البراءة النقلية ـ بعد ان كان لها اطلاق يشمل ما قبل الفحص ـ بالاجماع غير صحيح ، لان الاجماع المحصل غير حاصل ، والاجماع المنقول غير حجة كما تقدم في مبحث الاجماع ، مضافا الى وهنه في خصوص المقام لاحتمال كون مستند المفتين ـ التي كانت فتواهم سببا للاجماع المنقول ـ هو الدليل العقلي او الاخبار الآتية.
والحاصل : ان الاجماع المنقول على فرض تسليم حجيته فهو فيما اذا لم يكن محتمل المدرك ، بان لا يكون هناك ما يحتمل كونه مدركا لفتواهم ، واما مع وجود ما