وبالجملة لم يثبت له معنى آخر غير الضرر (١).
______________________________________________________
(١) حاصله : انه بعد ان اطلق المضارّ على سمرة ، فهو ان لم يكن قرينة على ان المراد من الضرار في المقام هو الضرر الذي هو فعل الواحد ، فلا اقل من ان يكون لا دلالة له على فعل الاثنين ، فلم يثبت للضرار في المقام معنى آخر غير معنى الضرر.
والحاصل : انه لو تنزلنا عن ظهوره في كونه للتأكيد ، فلا اقل من اجماله وانه لا ظهور له في غير معنى الضرر كما لا يخفى. ولا يخفى انه لازم تسليم كون الاصل في باب المفاعلة هو المشاركة وفعل الاثنين هو استعمال الضرار في المقام في الضرر الذي هو فعل الواحد من المجاز ، وقد دلّت عليه القرينة وهي اطلاق المضار على سمرة. الّا انه لا ينبغي تسليم ذلك ، وليس الاصل في باب المفاعلة هو المشاركة وفعل الاثنين ، والثابت من الاستعمالات في القرآن وفي الاستعمالات المتعارفة عدم دلالة باب المفاعلة على المشاركة وفعل الاثنين. اما في القرآن فكقوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ)(١) وكقوله تعالى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ)(٢) وكقوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ)(٣) فان المهاجرة والمناداة في الآية والمراءاة ليس من فعل الاثنين والمشاركة ، وغير ذلك مما هو في الذكر الكريم كنافقوا وشاقوا. واما الاستعمالات المتعارفة كقولهم : سافر ، وباشر الامر ، وساعده الحظ وناجى ربه وصادق على الامر ، وجازف فيه ، وشاهد الشيء وغير ذلك ، فان باب المفاعلة في هذه الموارد كلها لا يدل على المشاركة وفعل الاثنين ، وليس استعمالها من المجاز لعدم لحاظ العلاقة فيها. والفرق بين باب المفاعلة التي هي من المزيد والفعل المجرد كجلس وجالس وضرب وضارب هو ان باب المفاعلة يدل على التصدي لايصال
__________________
(١) النساء : الآية ١٠٠.
(٢) مريم : الآية ٥٢.
(٣) الماعون : الآية ٦.