ونفي الحقيقة ادّعاءً بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة (١) ، مما لا يخفى على من له
______________________________________________________
فلا يبقى للقاعدة من الموارد الا القليل ، لان جميع الاحكام الضررية كالوضوء المضرّ بالنفس او الطرف لا يكون منفيا لتداركه بالاجر والثواب ، بل يكون من افضل الاعمال لانه اشقها. وكذلك بذل المال الكثير المضر بذله بالشخص ازاء ماء الوضوء لا يكون منفيا بالقاعدة ايضا لانه ايضا متدارك بالاجر الاخروي ، مع ان الفقهاء على النفي في هذين الموردين واشباههما بهذه القاعدة ، هذا مضافا الى انه لو كان المراد هو الضرر غير المتدارك بالثواب يكون منافيا لقضية سمرة التي طبق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليها قاعدة الضرر ، لوضوح ان الضرر العائد من سمرة الى الانصاري لا ريب في انه للانصاري الاجر والثواب في قباله. وان كان المراد من التدارك هو التدارك المالي فيكون المتحصّل منها ان الضرر المنفي هو الضرر غير المتدارك بالمال ، والضرر غير المنفي هو الضرر المتدارك بالمال ، فيكون المراد بالقاعدة نفيا واثباتا هي الاضرار المالية. فهو ايضا ينافي استدلال العلماء بها في الاضرار غير المالية ، وينافي تطبيق القاعدة على سمرة ، لان ضرره للانصاري لم يكن ضررا ماليّا.
وثانيا : ان كون المراد من الضرر المطلق المنفي في القاعدة هو خصوص غير المتدارك منه ، اما باستعمال المطلق في الخاص ابتداء مجازا او باضمار الصفة وتقديرها ، وكلاهما خلاف الظاهر لا يصار اليه الّا بدالّ يدلّ على ذلك ، وليس في الكلام ما يدلّ عليه ، واما نفس تعذّر الحمل على الرفع الحقيقي فلا يكون قرينة عليه بعد ما عرفت من ان حمله على الرفع الادعائي اقرب الاحتمالات اليه.
(١) حاصله : ان نفي الحقيقة ادّعاءً لازمه استعمال كل من (لا) ومدخولها فيما وضعا له من غير تصرّف فيهما. ومرجع الفرق بين الادعائي والحقيقي ان الاصل الاولي هو كون الداعي لنفي الحقيقة هو كون الواقع كذلك حقيقة ، وفي الادعائي هو كون الداعي لنفي الحقيقة ليس هو الواقع ، بل ادعاء ذلك ، وحيث انه لا يكون