وأما لو كان بين ضرر نفسه وضرر غيره ، فالاظهر عدم لزوم تحمله الضرر ، ولو كان ضرر الآخر أكثر ، فإن نفيه يكون للمنة على الامة ، ولا منة على تحمل الضرر ، لدفعه عن الآخر وإن كان أكثر.
نعم لو كان الضرر متوجها إليه ، ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر (١) ، اللهم إلا أن يقال : إن نفي الضرر وإن كان للمنة ، إلا أنه
______________________________________________________
فظهر مما ذكرنا : ان الحكم باختيار اقل الضررين لو كان ، والّا فالتخيير واضح بالنسبة الى الصورة الاولى والثانية مما كان الضرر متوجها لشخص واحد سواء كان هو فاعل الضرر او غيره.
واما بالنسبة الى الصورة الثالثة مما كان الضرر متوجها لشخصين غير فاعل الضرر ، فان تساويا وامكن التوزيع فهو وإلّا فالتخيير وان لم يتساويا فان احرز تعيين احد الضررين كما لو دار الامر ـ مثلا ـ بين تخسير احدهما مالا يسيرا وقطع عضو من الآخر فالظاهر انه يتعيّن الخسارة المالية اليسيرة ، وان لم يحرز التعيين لاحدهما ، فان قلنا بان الامتنان في الضرر نوعي بمعنى ان الامة كلها بمنزلة شخص واحد فلا محالة من مراعاة اخف الضررين واقلهما ، لانه على هذا المبنى يكون الاثنين بمنزلة الشخص الواحد ، وان قلنا ان الامتنان في الضرر شخصي وعليه فلا وجه لتحمل احدهما الضرر واخراج الآخر ، فلا مناص عن التخيير.
ومنه يظهر : ان حكم المصنف باختيار اقل الضررين لو كان والّا فالتخيير بالنسبة الى خصوص الصورة الثالثة جاء في بعض محتملاتها والله العالم.
إلّا ان يقال ـ بما سيأتي في وجه التامل ـ من انهما خطابان توجها لشخص واحد وقد احرز موضوعهما فهما متزاحمان ، وعليه فلا مناص من تقديم اخفهما ضررا.
(١) هذه الصورة الرابعة ، وهي ما اذا كان الامر دائرا بين ضررين احدهما يعود الى نفس الشخص الفاعل والثاني يعود الى غيره : فتارة يكون الضرر متوجها بطبعه الى نفس الشخص الفاعل ولكنه يمكنه دفعه عن نفسه وتوجيهه الى الغير ، كما لو اكره