ولا يخفى أن هذا المعنى هو القابل لان يقع فيه النزاع والخلاف في نفيه وإثباته مطلقا أو في الجملة ، وفي وجه ثبوته ، على أقوال.
ضرورة أنه لو كان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء على البقاء أو الظن به الناشئ من العلم بثبوته ، لما تقابل فيه الاقوال ، ولما كان النفي والاثبات واردين على مورد واحد بل موردين (١) ، وتعريفه بما ينطبق
______________________________________________________
ولا يخفى ان المصنف اشار الى حصر المدرك في هذه الثلاثة بقوله : ((اما من جهة بناء العقلاء ... الى آخر الجملة)) وهو المدرك الأول. وبقوله : ((أو للظن به الناشئ ... الى آخر الجملة)) وهو المدرك الثاني. وبقوله : ((واما من جهة النص ... الى آخر الجملة)) وهو المدرك الثالث ... ولا ينبغي ان يتوهّم ان الاجماع مدرك رابع ، لان المراد من المدرك الثالث هو كون حجية الاستصحاب لدلالة الدليل الشرعي عليه ، ولا فرق في الدليل الشرعي بين كونه اخبارا او اجماعا.
(١) قد عرفت ان مختار المصنف ان الاستصحاب الذي وقع الكلام في حجيته نفيا واثباتا هو بمعنى واحد عند الكل ، وليس له معان متعددة عندهم ... وبعد ان ذكر معنى الاستصحاب وهو الحكم ببقاء حكم او موضوع ذي حكم ، وذكر انحصار مدركه في الامور الثلاثة ـ شرع في الاشارة الى ما مرّ ذكره من الاستدلال على مختاره : وهو ان الوجه في كون الاستصحاب بمعنى واحد عند الكل انه لو لم يكن بمعنى واحد لما تقابل فيه الاقوال ، وانما يتقابل فيه الاقوال نفيا واثباتا مطلقا او في خصوص بعض التفصيلات فيما اذا كان بمعنى واحد ، ولذا قال (قدسسره) : ((ان هذا المعنى)) الواحد ((هو القابل لان يقع فيه النزاع و)) لان يقع ((الخلاف في نفيه واثباته مطلقا او في الجملة)) بان يكون الاستصحاب حجة في بعض التفصيلات ((و)) هذا المعنى الواحد هو الذي اختلف القوم ((في وجه ثبوته)) من انه لبناء العقلاء او للظن او للنص ((على اقوال)) في ثبوته ونفيه وفي مدرك ثبوته ايضا ((ضرورة انه لو كان الاستصحاب)) عندهم بمعان متعددة بان كان ((هو نفس بناء العقلاء)) عند بعض