.................................................................................................
______________________________________________________
الخاصة ترجع الى بنائهم على امور عامة واضحة الحيثية تكون تلك الامور الخاصة منطبقا لها ، فان بناءهم على مدح فاعل بعض الافعال وذم فاعل بعض الافعال انما هو لبنائهم على حسن العدل وقبح الظلم حفظا للنظام ، وحيث ان فاعل الحسن يستحق المدح وفاعل الظلم يستحق الذم لذا قام بناؤهم على المدح لفاعل الفعل الذي ينطبق عليه عنوان الحسن ، وعلى الذم لفاعل الفعل الذي ينطبق عليه عنوان الظلم ، فليس للعقلاء في بنائهم تعبّد محض ، وانما التعبّد في الاحكام الشرعية لعدم امكان احاطة الخلق بعلل التشريع غالبا.
ويمكن ان يجاب عنه : بان المراد من ان بناء العقلاء في حجية الاستصحاب من باب التعبد انه لما كان الاستصحاب متقوّما باليقين السابق ، فبناء العقلاء على الاخذ باليقين عند عروض الشك : ان كان لوثاقة اليقين عندهم وانهم لا يرفعون اليد عن اليقين بمجرد عروض الشك لانه من المستحكمات ، ولا يرفعون اليد عن المستحكم الّا بمستحكم مثله ، فحيث ان الشك ليس من المستحكم فلا يرفعون به اليد عن اليقين فلا يكون بناؤهم في الاستصحاب من باب التعبّد.
وان كان بناؤهم على الاستصحاب ليس لما ذكرنا ، بل للتحفظ على الواقعيات ما لم يتبين انتفاؤها ، فان هذا البناء منهم يكون اشبه بالاحتياط في المقام ، لا لانه منطبق حيثية بالخصوص ، فحيث انه لم يكن لحيثية بالخصوص بل كان للتحفظ على الواقع عبّر عنه بانه بناء تعبّدي : أي انهم يتعبّدون بالواقع الثابت ولا يرفعون اليد عنه بمجرد احتمال انتفائه في الزمان الثاني.
ويمكن ان يجاب عنه : بان التعبّد بالشيء ليس هو الاخذ به من دون ملاحظة حيثية تعليلية له ، بل المراد بالتعبّد هو الاخذ باحد طرفي الشك والبناء عليه والغاء احتمال خلافه في مقام العمل ، وحيث ان المفروض في المقام هو الشك في بقاء ما كان متحققا سابقا في الزمان الثاني ، فالبناء منهم على تحققه وبقائه عملا والغاء احتمال عدم بقائه تعبّد منهم ببقائه ، وليس التعبّد الّا الاخذ باحد طرفي الشك مع فرض الشك.