وثانيا : سلمنا ذلك ، لكنه لم يعلم أن الشارع به راض وهو عنده ماض ، ويكفي في الردع عن مثله ما دل من الكتاب والسنة على النهي عن اتباع غير العلم (١) ، وما دل على البراءة أو الاحتياط في الشبهات ،
______________________________________________________
وعمله بما هو غير ملتفت الى الشك يرجع الى العمل على طبق ما اعتاده لغفلته عن شكه. والى هذا اشار بقوله : ((وفي الانسان احيانا)).
(١) حاصله : انه لو سلمنا قيام بناء العقلاء وسيرتهم على الاخذ بالحالة السابقة والجري على طبقها في مقام عملهم ، إلّا انه من الواضح ان هذا المقدار لا يكفي في كون الاستصحاب حجة شرعا ، بل لا بد من ضم امضاء الشارع لهذه السيرة العقلائية ، والامضاء وان كان يكفي فيه عدم الردع ، إلّا ان وجود ما يصلح لان يكون رادعا عنها يمنع عن كشف امضاء الشارع لها ، وعموم الآيات الدالة على النهي عن اتباع غير العلم والروايات الدالة ايضا على النهي عن اتباع غير العلم مما يصلح للردع ، فلا ينفع قيام السيرة على العمل على طبق ما كان لان تكون حجة على الاستصحاب شرعا.
ولا يخفى ان كلامه هنا ينافي ما مر منه في حجية الخبر : من عدم امكان رادعية العمومات للسيرة وصلاحية السيرة لتخصيص العمومات من غير عكس.
وملخصه انه لو قلنا : ان مخصصية السيرة تتوقف على اثبات عدم رادعية العمومات لها للزم الدور من الطرفين ، لان اثبات رادعية العمومات يتوقف على عدم مخصصية السيرة المتوقف على اثبات رادعية العمومات لها ، وتوقف حجية السيرة وتخصيصها لها على اثبات عدم رادعية العمومات المتوقف على حجية السيرة وتخصيصها ، فيكون التوقف من الطرفين.
واما إذا قلنا : بان حجية السيرة وتخصيصها للعمومات لا يتوقف على اثبات عدم الرادعية ، بل يكفي محض عدم الرادعية فيكون الدور من طرف واحد ، وهو كون العمومات رادعة للسيرة دوريا ، لوضوح ان كون العمومات رادعة يتوقف على