بل أفضل الصدقة على ذى رحم كاشح (١) حتى يكون إعطاؤه لله مجردا عن كل نصيب لك فيه ، فهؤلاء هم الذين يضاعف أجرهم : قهرهم لأنفسهم حيث يخالفونها ، وفوزهم بالعوض من قبل الله.
ثم الزكاة هي التطهير ، وتطهير المال معلوم ببيان الشريعة في كيفية إخراج الزكاة ، وأصناف المال وأوصافه.
وزكاة البدن وزكاة القلب وزكاة السّرّ .. كلّ ذلك يجب القيام به.
قوله جل ذكره : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠))
(ثُمَّ) حرف يقتضى التراخي ؛ وفي ذلك إشارة إلى أنه ليس من ضرورة خلقه إياك أن يرزقك ؛ كنت في ضعف أحوالك ابتداء ما خلقك ، فأنبتك وأحياك من غير حاجة لك إلى رزق ؛ فإلى أن خرجت من بطن أمّك : إمّا أن كان يغنيك عن الرزق وأنت جنين فى بطن الأم ولم يكن لك أكل ولا شرب ، وإمّا أن كان يعطيك ما يكفيك من الرزق ـ إن حقّ ما قالوا : إن الجنين يتغذّى بدم الطمث. وإذا أخرجك من بطن أمك رزقك على الوجه المعهود في الوقت المعلوم ، فيسّر لك أسباب الأكل والشرب من لبن الأم ، ثم من فنون الطعام ، ثم أرزاق القلوب والسرائر من الإيمان والعرفان وأرزاق التوفيق من الطاعات والعبادات ، وأرزاق اللسان من الأذكار وغير ذلك مما جرى ذكره (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بسقوط شهواتكم ، ويميتكم عن شواهدكم.
(ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) بحياة قلوبكم ثم بأن يحييكم بربّكم.
__________________
(١) كاشح أي مبغض. وربما كان خير مثل التصدق على ذى رحم مبغض ، ما حدث من أبى بكر حينما امتنع عن تقديم الزكاة لمسطح على أثر قيامه بدوره المعروف في قصة الإفك ، فعوتب أبو بكر في ذلك ونزلت فيه (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) آية ٢٢ سورة النور.