إذا كانت ذرة أو أقل من ذلك وسبقت بها القسمة فلا محالة تصل إلى المقسوم له بغير مرية .. (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) : عالم بدقائق الأمور وخفاياها.
قوله جل ذكره : (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧))
الأمر بالمعروف يكون بالقول ، وأبلغه أن يكون بامتناعك بنفسك عما تنهى عنه ، واشتغالك واتصافك بنفسك بما تأمر به غيرك ، ومن لا حكم له على نفسه لا ينفذ حكمه على غيره.
والمعروف الذي يجب الأمر به هو ما يوصّل العبد إلى الله ، والمنكر الذي يجب النهى عنه هو ما يشغل العبد عن الله.
(وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) تنبيه على أنّ من قام لله بحقّ امتحن في الله ؛ فسبيله أن يصبر لله ـ فإنّ من صبر لله لا يخسر على الله.
قوله جل ذكره : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨))
يعنى لا تتكبر على الناس ، وطالعهم من حيث النسبة والتحقق بأنك بمشهد من مولاك. ومن علم أنّ مولاه ينظر إليه لا يتكبر ولا يتطاول بل يتخاضع ويتضاءل.
قوله جل ذكره : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩))
كن فانيا عن شواهدك ، مصطلما عن صولتك ، مأخوذا عن حولك وقوتك ، منتشقا (١) مما استولى عليك من كشوفات سرّك.
__________________
(١) (انتشق) الماء وغيره : جذب منه بالنّفس في أنفه ، ورجل نشق إذا دخل في أمر لا يكاد يخلص منه (الوسيط).