المجاهدة والباطنة تحقيق المشاهدة. الظاهرة وظائف النّفس ، والباطنة لطائف القلب. الظاهرة اشتغالك بنفسك عن الخلق ، والباطنة اشتغالك بربّك عن نفسك. الظاهرة طلبه ، الباطنة وجوده (١). الظاهرة أن تصل إليه ، الباطنة أن تبقى معه.
قوله جل ذكره : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١))
لم يتخطوا منهم ولا من أمثالهم ، ولم يهتدوا إلى محوّل أحوالهم. فأمّا من سمت نفسه ، وخلص في الله قصده فقد استمسك بالعروة الوثقى ، وسلك المحجّة المثلى : ـ
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)
وعلى العكس : ـ
(وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
إلينا إيابهم ، ومنّا عذابهم ، وعلينا حسابهم. ولئن سألتهم عن خالقهم لأقرّوا ، ولكن إذا عادوا إلى غيّهم نقضوا وأصروا.
قوله جل ذكره : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦))
لله ما في السماوات والأرض ملكا ، ويحرى فيهم حكمه حقّا ، وإليه مرجعهم حتما.
__________________
(١) الوجود مرحلة تأتى بعد التواجد والوجد.