قوله جل ذكره : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨))
أحسن صورة كلّ أحد ؛ فالعرش ياقوتة حمراء ، والملائكة أولو أجنحة مثنى وثلاث ورباع ، وجبريل طاووس الملائكة ، والحور العين ـ كما في الخبر ـ فى جمالها وأشكالها ، والجنان ـ كما في الأخبار ونص القرآن. فإذا انتهى إلى الإنسان قال : (خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (١) .. كل هذا ولكن :
وكم أبصرت من حسن ولكن |
|
عليك من الورى وقع اختياري |
خلق الإنسان من طين ولكن (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٢) ، وخلق الإنسان من طين ولكن : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (٣) ، وخلق الإنسان من طين ولكن (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)!
قوله جل ذكره : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠))
لو كانت لهم ذرّة من العرفان ، وشمّة من الاشتياق ، ونسمة من المحبة لما تعصّبوا كلّ هذا التعصب في إنكار جواز الرجوع إلى الله ولكن قال : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ).
قوله جل ذكره : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١))
لو لا غفلة قلوبهم وإلا لما أحال قبض أرواحهم على ملك الموت ؛ فإنّ ملك الموت لا أثر منه في أحد ، ولا له تصرفات في نفسه ، وما يحصل من التوفّى فمن خصائص قدرة
__________________
(١) آية ٥٤ سورة المائدة.
(٢) آية ١٥٢ سورة البقرة.
(٣) آية ٨ سورة البينة.