إذا ناجيتمونا في ركعتين في الجمعة فعودوا إلى متجركم ، واشتغلوا بحرفتكم.
وأما الأحباب فالليل لهم إمّا في طرب التلاقي وإما في حرب الفراق ، فإن كانوا في أنس القربة فليلهم أقصر من لحظة ، كما قالوا :
زارنى من هويت بعد بعاد |
|
بوصال مجدّد ووداد |
ليلة كاد يلتقى طرفاها |
|
قصرا وهى ليلة الميعاد |
وكما قالوا :
وليلة زين ليالى الدهر |
|
قابلت فيها بدرها ببدر |
لم تستبن عن شقق وفجر |
|
حتى تولّت وهي بكر الدهر |
وأمّا إن كان الوقت وقت مقاساة فرقة وانفراد بكربة فليلهم طويل ، كما قالوا :
كم ليلة فيك لا صباح لها |
|
أفنيتها قابضا على كبدى |
قد غصّت العين بالدموع وقد |
|
وضعت خدى على بنان يدى |
قوله : «يدعون ربهم خوفا وطمعا» : قوم خوفا من العذاب وطمعا في الثواب ، وآخرون خوفا من الفراق وطمعا في التلاقي ، وآخرون خوفا من المكر وطمعا في الوصل.
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) : يأتون بالشاهد الذي خصصناهم به ؛ فإن طهّرنا أحوالهم عن الكدورات حضروا بأحوال مقدّسة ، وإن دنّسّنا أوقاتهم بالآفات شهدوا بحالات مدنّسة (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ؛ فالعبد إنما يتجر في البضاعة التي يودعها لديه سيّده :
يفديك بالروح صبّ لو يكون له |
|
أعزّ من روحه شىء فداك به |
قوله جل ذكره : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧))