قوله جل ذكره : (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤))
قاس من الهوان ما استوجبته بعصيانك ، واخلد في دار الخزي لما أسلفته من كفرانك.
قوله جل ذكره : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥))
التصديق والتكذيب ضدان ـ والضدان لا يجتمعان ؛ التكذيب هو جحود واستكبار ، والتصديق هو سجود وتحقيق ، فمن اتّصف بأحد القسمين امّحى عنه الثاني.
(خَرُّوا سُجَّداً) : سجدوا بظواهرهم في المحراب ، وفي سرائرهم على تراب الخضوع وبساط الخشوع بنعت الذبول وحكم الخمود.
ويقال : كيف يستكبر من لا يجد كمال راحته ولا حقيقة أنسه إلا في تذلله بين يدى معبوده ، ولا يؤثر آجل جحيمه على نعيمه ، ولا شقاءه على شفائه؟!
قوله جل ذكره : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦))
فى الظاهر : عن الفراش قياما بحقّ العبادة والجهد والتهجد ، وفي الباطن : تتباعد قلوبهم عن مضاجعات الأحوال ، ورؤية قدّر النفس ، وتوّهم المقام ـ فإن ذلك بجملته حجاب عن الحقيقة ، وهو للعبد سمّ قاتل ـ فلا يساكنون أعمالهم ولا يلاحظون أحوالهم. ويفارقون مالفهم ، ويهجرون في الله معارفهم.
والليل زمان الأحباب ، قال تعالى : (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) : يعنى عن كلّ شغل وحديث سوى حديث محبوبكم. والنهار زمان أهل الدنيا ، قال تعالى : (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) ، أولئك قال لهم : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) :