قوله جل ذكره : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢))
صرّحوا بالتكذيب ـ لما انطوت عليه قلوبهم ـ حين وجدوا للمقال مجالا.
قوله جل ذكره : (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣))
تواصوا فيما بينهم بالفرار عند ما سوّلت لهم شياطينهم من وشك ظفر الأعداء. قوله : (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ ...) : يتعلّلون (١) بانكشاف بيوتهم وضياع مخلّفاتهم ، ويكذبون فيما أظهروه عذرا ، وهم لم يحملهم على فعلهم غير جبنهم وقلة يقينهم.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥))
ولكن لما عزم الأمر ، وظهر الجدّ لم يساعدهم الصدق ، ولم يذكروا أنهم سيسألون عن عهدهم ، ويعاقبون على ما أسلفوه من ذنبهم.
قوله جل ذكره : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦))
لأنّ الآجال لا تأخير لها ولا تقديم عليها ، وكما قالوا : «إنّ الهارب عمّا هو كائن في كفّ الطالب يتقلب».
(وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) : فإنّ ما يدّخره العبد عن الله من مال أو جاه أو نفيس أو قريب لا يبارك له فيه ، ولا يجد به منعة ، ولا يرزق منة غبطة.
__________________
(١) يغمز القشيري هنا ـ من بعيد ـ بالمتعللين في الطريق بعلل الاسترخاص ودعاوى النفس.