على حجر فأمشى الله الحجر بثيابه ، وموسى يعدو خلفه حتى توسّط بنى إسرائيل ، وشاهدو خلقته سليمة ، فوقف الحجر ، وأخذ موسى ثيابه ولبسها (١) ، وهذا معنى قوله : (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) فى القدر والمنزلة. والوجاهة النافعة ما كان عند الله لا عند الناس ، فقبول الناس لا عبرة به ولا خطر له ، ولا سيما العوام فإنهم يقبلون بلا شىء ، ويردّون بلا شىء قال قائلهم :
إن كنت عندك يا مولاى مطرحا |
|
فعند غيرك محمول على الحدق |
وقالوا : فإن أك في شراركم قليلا |
|
فإنى في خياركم كثير |
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١))
القول السديد كلمة الإخلاص ، وهي الشهادتان عن ضمير صادق.
ويقال سداد أقوالكم سداد أعمالكم ، ولقد هوّن عليكم الأمر فمن رضى بالقالة ـ وهي الشهادة بأن ترك الشّرك ـ وقالها بصدق أصلح الله له أعماله الدنيوية من الخلل ، وغفر له في الآخرة الزّلل ؛ أي حصلت له سعادة الدارين.
ويقال ذكر (أَعْمالَكُمْ) بالجمع (٢) ، وقدّمها على الغفران ؛ لأنه ما لم يصلح لك في حالك أعمالك وإن لم يكفك ما أهمّك من أشغالك .. لم تتفرغ إلى حديث آخرتك.
قوله جل ذكره : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها
__________________
(١) هذه رواية ابن عباس .. وفي رواية أخرى : اتهم بقتل أخيه هارون.
(٢) أي أن الله بفضله ينظر منك إلى القليل فيعتبره كثيرا.