فيفتضح هؤلاء ـ والافتضاح عند السؤال من شديد العقوبة ، وفي بعض الأخبار :
أن غدا من يسألهم الحقّ فيقع عليهم من الخجل ما يجعلهم يقولون : عذّبنا ربنا بما شئت من ألوان العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال!
قوله جل ذكره : (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢))
الإشارة في هذا أنّ من علق قلبه بالأغيار ؛ وظنّ صلاح حاله بالاحتيال (١) ؛ والاستعانة بالأمثال والأشكال ينزع الله الرحمة من قلوبهم ؛ ويتركهم ، ويشوش أحوالهم ، فلا لهم من الأمثال والأشكال معونة. ولا لهم من عقولهم في أمورهم استبصار ، ولا إلى الله رجوع ، وإن رجعوا لا يرحمهم ولا يجيبهم ، ويقول لهم : ذوقوا وبال ما به استوجبتم هذه العقوبة.
قوله جل ذكره : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣))
الحكماء ، والأولياء ـ الذين هم الأئمة في هذه الطريقة ـ إذا دلوا الناس على الله. قال بعض إخوان السوء ـ مثل بعض المتنصحين من أهل الغفلة وأبناء الدنيا (٢) لمريد : ما هذا؟ من الذي يطيق كل هذا؟ ربما لا تتمّم الطريق!
لا بد من الدنيا ما دمت تعيش! ... وأمثال ذلك ، حتى يميل هذا المسكين عند قبول النصح ، وربما كان له هذا من خواطره الدنية ... فيهلك ويضلّ.
__________________
(١) الاحتيال هنا معناه الاعتماد على جهده الإنسانى ، وتفريغ الوسع فيه دون التعويل على فضل الله ومنته ، فالواجب إسقاط التدبير والاعتماد على التقدير.
(٢) يشبههم القشيري في موضع آخر بمن كان يعوق المجاهدين قبيل القتال.