ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠))
أي الذي أتيتكم به من الأخبار عن القيامة والحشر ، والجنة والنار ، وما أخبرتكم به عن نبوّتى وصدقى هو نبأ عظيم ، وأنتم أعرضتم عنه.
وما كان لى من علم بالملأ الأعلى واختصامهم فيه لو لا أنّ الله عرّفنى ، وإلا ما كنت علمته. والملأ الأعلى قوم من الملائكة في السماء العليا ، واختصامهم كان في شأن آدم حيث قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها؟
وقد ورد في الخبر : «أن جبريل سأل الرسول صلىاللهعليهوسلم عن هذا الاختصام فقال : لا أدرى. فقال جبريل : فى الكفارات والدرجات ؛ فالكفارات إسباغ الوضوء فى السّبرات (١) ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وأما الدرجات فإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام» (٢). وإنما اختلفوا في بيان الأجر وكمية الفضيلة فيها ـ فيجتهدون ويقولون إن هذا أفضل من هذا ، ولكنهم في الأصل لا يجحدون.
.. وهذا إنما يوحى إليّ وأنا منذر مبين.
قوله جل ذكره : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١))
إخباره الملائكة بذلك إنما يدلّ على تفخيم شأن آدم ؛ لأنه خلق ما خلق من الكونين (٣) ،
__________________
(١) السبرات جمع سبرة بسكون الباء وهي الغداة الباردة.
(٢) روى الخبر أبو الأشهب عن الحسن هكذا : «سألنى ربى فقال : يا محمد ، فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت في الكفارات والدرجات ، قال : ما الكفارات؟ قلت :
المشي على الأقدام إلى الجماعات ....» أخرجه الترمذي بمعناه عن ابن عباس ، وقال فيه حديث غريب. وعن معاذ بن جبل أيضا وقال : حديث حسن صحيح.
(٣) هكذا في م وهى في ص (المكذبين) وهي خطأ في النسخ كما هو واضح.