عقائدهم ؛ يستديم حجابهم ، ولا ينقطع عنهم عقابهم (١).
(ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ ...) إن خفت اليوم كفيت خوف ذلك اليوم وإلّا فبين يديك عقبة كوود.
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى)
(٢) طاغوت كلّ إنسان نفسه ؛ وإنما يجتنب الطاغوت من خالف هواه ، وعانق رضا مولاه. وعبادة النّفس بموافقة الهوى ـ وقليل من لا يعبد هواه ، ويجتنب حديث النّفس.
(وَأَنابُوا إِلَى اللهِ) : أي رجعوا إليه في كل شىء.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨))
(٣) (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) يقتضى أن يكون الاستماع لكل شىء ، ولكن الاتباع يكون للأحسن. (أَحْسَنَهُ) : وفيه قولان ؛ أحدهما أن يكون بمعنى الحسن ولا تكون الهمزة للمبالغة ، كما يقال ملك أعزّ أي عزيز. والثاني : والأحسن على المبالغة ، والحسن ما كان مأذونا فيه في صفة الخلق ويعلم ذلك بشهادة العلم (٤) ، والأحسن هو الأولى والأصوب. ويقال الأحسن ما كان لله دون غيره ، ويقال الأحسن هو ذكر الله خالصا له. ويقال من عرف الله لا يسمع إلا بالله.
__________________
(١) إن استيلاء الحب على قلب الصوفي يجعله ينظر إلى العقوبة في الآخرة على أنها أقل تعذيبا إذا قيست بعذاب الهجر والنأى ، أو على حد تعبيرهم جهنم الاحتراق أخف من جهنم الفراق .. ولهم في ذلك أقوال جريئة كثيرة (انظر كتابنا : نشأة التصوف الإسلامى ط دار المعارف ص ٢٤٨).
(٢) قال ابن زيد : نزلت هذه الآية في ثلاثة أنفار كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله ، وهم زيد بن عمرو وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي (الواحدي ص ٢٤٧).
(٣) نزلت في عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة وسعيد بن زيد وسعد بن أبى وقاص وكان استماعهم لأبى بكر وهو يخبرهم بإيمانه (الواحدي ص ٢٤٧ ، ٢٤٨).
(٤) استخدم القشيري هذا المفهوم في تأييد وترخيص «السماع» بالمعنى الصوفي (الرسالة ص ١٦٦).