فيقبض أرواحها (١). وقبض الأرواح في حال الموت بإخراج اللطيفة التي في البدن وهي الروح ، ويخلق بدل الاستشعار والعلم الغفلة والغيبة في محالّ الإحساس والإدراك. ثم إذا قبض الأرواح عند الموت خلق في الأجزاء الموت بدل الحياة ، والموت ينافى الإحساس والعلم. وإذا ردّ الأرواح بعد النوم إلى الأجساد خلق الإدراك في محل الاستشعار فيصير الإنسان متيقظا ، وقبض الله الأرواح في حال النوم وردت به الأخبار ، وذلك على مراتب ؛ فإنّ روحا تقبض على الطهارة ترفع إلى العرش وتسجد لله تعالى ، وتكون لها تعريفات ، ومعها مخاطبات «والله أعلم».
قوله جل ذكره : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣))
أي أنهم ـ وإن اتخذوا على زعمهم من دون الله شفعاء بحكمهم لا بتعريف من قبل الله أو إخبار ـ فإنّ الله تعالى لا يقبل الشفاعة من أحد إلّا إذا أذن بها ، وإنّ الذي يقولونه إنما هو افتراء على الله.
قوله جل ذكره : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ
__________________
اللطافة في الصورة ككون الملائكة والشياطين بصفة اللطافة» ثم يعود بعد قليل متحدثا عن الروح فيقول : الأرواح مختلف فيها عند أهل التحقيق من أهل السنة فمنهم من يقول إنها الحياة ، ومنهم من يقول إنها أعيان مودعة في القالب (اللطائف ح ٢ ص ٣٦٧)
وفي تقديرنا أن المسألة ذات جانبين : فإذا نظرنا إلى الموضوع خارج دائرة التصوف فالروح والنفس بمعنى واحد متصل بالحياة ، وقبضهما معناه موت البدن بدليل ما ورد عن الرسول (ص) ، فهو مرة يقول (كما في حديث أم سلمة) : دخل رسول الله (ص) على أبى سلمة وقد شق (ـ انفتح) بصره فأغمضه ثم قال : «إن الروح إذا قبض تبعه البصر» وفي مرة أخرى يقول (ص) فى حديث صحيح خرجه ابن ماجه : «تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قالوا اخرجى أيتها النفس الطيبة ...» وفي صحيح مسلم : قال «ص» : «إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها».
أما الجانب الآخر للمسألة فهو كونهما مصطلحين صوفيين ؛ فالنفس محل المعلولات والروح محل المحمودات ..
وذلك ركن هام في مذهب القشيري لم يتخل عنه في كتاب من كتبه ، كما هو مذهب كثيرين من المتصوفة.
(١) قبض الروح عند النوم معناه ترقيها (الرسالة ص ٤٨).