الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥))
اشمأزّت قلوب الذين جحدوا ولم تسكن نفوسهم إلى التوحيد ، وإذا ذكر الذين من دونه استأنسوا إلى سماعه :
(قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦))
ـ علّمه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كيف يثنى عليه ـ سبحانه (١).
وتشتمل الآية على الإشارة إلى بيان ما ينبغى من التنصّل والتذلّل ، وابتغاء العفو والتفضّل ، وتحقيق الالتجاء بحسن التوكل. ثم أخبر عن أحوالهم في الآخرة فقال :
(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧))
لا فتدوا به .. ولكن لا يقبل منهم ، واليوم لو تصدّقوا بمثقال ذرة لقبل منهم. كما أنهم لو بكوا في الآخرة بالدماء لا يرحم بكاؤهم ، ولكنهم بدمعة واحدة ـ اليوم ـ يمحى الكثير من دواوينهم.
قوله جل ذكره : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)
فى سماع هذه الآية حرات لأصحاب الانتباه.
__________________
(١) فى صحيح مسلم : أن عائشة سئلت بأى شىء كان النبي صلىاللهعليهوسلم يستفتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت : كان إذا قام من الليل افتتح صلاته : «اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ... يختلفون» ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم».
وقال سعيد بن جبير : إنى لأعرف آية ما قرأها أحد قط وسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ؛ قوله تعالى : «قل اللهم فاطر ...... يختلفون».