وأنّبه بكل أنواع التأنيب. ثم لم يعجّل الله عقوبته ، وأمهله إلى أن أوصل إليه شقوته ـ إنه سبحانه حليم بعباده.
قوله جل ذكره : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥))
عزم على إهلاكه وإهلاك قومه ، واستعان على ذلك بجنده وخيله ورجله ، ولكن كان كما قال الله : (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) ، لأنه إذا حفر أحد لوليّ من أولياء الله تعالى حفرة ما وقع فيها غير حافرها ... بذلك أجرى الحقّ سنّته.
قوله جل ذكره : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦))
(وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) أي ليستعن بربه ، وإنى أخاف أن يبدّل دينكم ، وأخاف أن يفسد فى الأرض ، وكان المفسد هو فرعون ، وهو كما قيل في المثل : «رمتنى بدائها وانسلّت». ولكن كادله له الكيد ، والكائد لا يتخلص من كيده.
فاستعاذ موسى بربه ، وانتدب في الردّ عليهم مؤمن بالله وبموسى كان يكتم إيمانه عن فرعون وقومه :
(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨)) آيات