نصحهم واحتجّ عليهم فلم ينجع فيهم نصح ولا قول. وكم كرّر ذلك المؤمن من آل فرعون القول وأعاد لهم النّصح! فلم يستمعوا له ، وكان كما قيل :
وكم سقت في آثاركم من نصيحة |
|
وقد يستفيد البغضة المتنصّح |
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤))
بيّن أنّ تكذيبهم كتكذيب آبائهم وأسلافهم من قبل ، وكما أهلك أولئك قديما كذلك يفعل بهؤلاء.
قوله جل ذكره : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً)
السبب ما يتوصّل به إلى الشيء ؛ أي لعلّى أصل إلى السماء فأطّلع إلى إله موسى. ولو لم يكن من المضاهاة بين من قال إن المعبود في السماء وبين الكافر إلا هذا لكفى به خزيا لمذهبهم (١). وقد غلط فرعون حين توهّم أنّ المعبود في السماء ، ولو كان في السماء لكان فرعون مصيبا فى طلبه من السماء.
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ).
أخبر أنّ اعتقاده بأنّ المعبود في السماء خطأ ، وأنّه بذلك مصدود عن سبيل الله.
قوله جل ذكره : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ
__________________
(١) هنا يغمز القشيري بالمشبهة غمزة قاسية (انظر ص ٣٤٥ من هذا المجلد).