والطمأنينة. فسماع قوله : (اللهُ) أوجب لهم تهويلا ، وسماع قوله : (لَطِيفٌ) أوجب لهم تأميلا.
ويقال : اللطيف من يعطى قدر الكفاية وفوق ما يحتاج العبد إليه.
ويقال : من لطفه بالعبد علمه بأنه لطيف ، ولو لا لطفه لما عرف أنه لطيف.
ويقال : من لطفه أنه أعطاه فوق الكفاية ، وكلفّه دون الطاقة.
ويقال : من لطفه بالعبد إبهام عاقبته عليه ؛ لأنه لو علم سعادته لاتّكل عليه ، وأقلّ عمله.
ولو علم شقاوته لأيس ولترك عمله .. فأراده أن يستكثر في الوقت من الطاعة.
ويقال : من لطفه بالعبد إخفاء أجله عنه ؛ لئلا يستوحش إن كان قد دنا أجله.
ويقال : من لطفه بالعبد أنه ينسيه ما عمله في الدنيا من الزّلة ؛ لئلا يتنغّص عليه العيش فى الجنة.
ويقال : اللطيف من نوّر الأسرار (١) ، وحفظ على عبده ما أودع قلبه من الأسرار (٢) ، وغفر له ما عمل من ذنوب في الإعلان والإسرار.
قوله جل ذكره : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠))
(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) : نزده ـ اليوم ـ فى الطاعات توفيقا ، وفي المعارف وصفاء الحالات تحقيقا. ونزده في الآخرة ثوابا واقترابا وفنون نجاة وصنوف درجات.
(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا) : مكتفيا به نؤته منها ما يريد ، وليس له في الآخرة نصيب.
__________________
(١) هذه (الأسرار) جمع السر وهو الملكة الباطنية التي تعلو الروح ـ كما نعرف من المذهب العرفانى للقشيرى.
(٢) وأما (الأسرار) الثانية فهى جمع السر كما نعرفه ـ بمعنى الشأن الخفي.