قوله جل ذكره : (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥))
هم الذين قالوا : الملائكة بنات الله ؛ فجعلوا البنات لله جزءا على التخصيص من جملة مخلوقاته .. تعسا لهم في قولهم ذلك وخزيا (١)!! فردّ عليهم ذلك قائلا :
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦))
قال لهم على جهة التوبيخ ، وعابهم بما قالوا ؛ إذ ـ على حدّ قولهم ـ كيف يؤثرهم بالبنين ويجعل لنفسه البنات؟! ففى قولهم ضلال ؛ إذ حكموا للقديم بالولد. وفيه جهل ؛ إذ حكموا له بالبنات ولهم بالبنين ـ وهم يستنكفون من البنات .. ثم .. أي عيب في البنات؟ ثم .. كيف يحكمون بأن الملائكة إناث ـ وهم لم يشاهدوا خلقتهم؟
كلّ ذلك كان منهم خطأ محظورا.
قوله جل ذكره : (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠))
إنما قالوا ذلك استهزاء واستبعادا لا إيمانا وإخلاصا ، فقال تعالى : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) ولو علموا ذلك وقالوه على وجه التصديق لم يكن ذلك منهم معلولا.
ثم قال : (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١))
أي ليس كذلك ، حتى أخبر أنهم ركنوا إلى تقليد لا يفضى إلى العلم ، فقال :
(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢))
__________________
(١) في م (وحزنا) وهي غير ملائمة ـ كما هو واضح.