من الحشر والنشر حقّا لم تتقاصر رتبتنا عند الله عن رتبة أحد ، ولتقدّمنا ـ فى الاستحقاق ـ على الكلّ. ولمّا لم يجدوا لهذا القول دليلا صرّحوا :
(فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ).
ولقد بعث الله أنبياءه ـ عليهمالسلام ـ وأنزل عليهم الكتب ، وبيّن في كلّ كتاب ، وعلى لسان كلّ رسول بأنه يبعث محمدا رسولا ، ولكن القوم الذين في عصر نبيّنا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كتموه ، وحسدوه.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣))
مضى تفسير الاستقامة. وإنّ من خرج على الإيمان والاستقامة حظى بكلّ كرامة ، ووصل إلى جزيل السلامة.
وقيل : السين فى «الاستقامة» سين الطّلب ؛ وإن المستقيم هو الذي يبتهل إلى الله تعالى فى أن يقيمه على الحق ، ويثبّته على الصدق.
قوله جل ذكره : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً)
أمر الإنسان برعاية حقّ والديه على جهة الاحترام ، لما لهما عليه من حق التربية والإنعام ، وإذا لم يحسن الإنسان حرمة من هو من جنسه فهو عن حسن مراعاة سيّده أبعد. ولو لم يكن فى هذا الباب إلا قوله ـ صلىاللهعليهوسلم : «رضا الرب من رضا الوالدين ، وسخطه في سخطهما» لكان ذلك كافيا. ورعاية حق الوالد من حيث الاحترام ، ورعاية حق الأم من حيث الشفقة والإكرام. ووعد الله على برّ الوالدين قبول الطاعة بقوله جلّ ذكره :
(أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦))
فقبول الطاعة وغفران الزّلّة مشروطان ببرّ الوالدين. وقد ذمّ الله ـ سبحانه ـ الذي