كلا القسمين ـ المتقدّم والمتأخّر ـ كان قبل النبوة (١).
ويقال (ما تَقَدَّمَ) من ذنب آدم بحرمتك ، (وَما تَأَخَّرَ) : من ذنوب أمّتك (٢).
وإذا حمل على ترك الأولى (٣) فقد غفر له جميع ما فعل من قبيل ذلك ، قبل النبوة وبعدها (٤).
ولمّا نزلت هذه الآية قالوا : هنيئا لك! فأنزل الله تعالى :
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) .. ويقال : حسنات الأبرار سيئات المقربين.
(وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً)
يتم نعمته عليك بالنبوة ، وبوفاء العاقبة ، وببسط الشريعة ، وبشفاعته لأمته ، وبرؤية الله غدا ،
يتم نعمته عليك بالنبوة ، وبوفاء العاقبة ، وببسط الشريعة ، وبشفاعته لأمته ، وبرؤية اللّه غدا ، [وبإظهار دينه على الأديان ، وبأنه سيد ولد آدم ، وبأنه أقسم بحياته ، وخصّه بالعيان] (٥). وبسماع كلامه سبحانه ليلة المعراج ، وبأن بعثه إلى سائر الأمم .. وغير ذلك من مناقبه.
«وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً» يثبتك على الصراط المستقيم ، ويزيدك هداية على هداية ، ويهدى بك الخلق إلى الحقّ.
ويقال : يهديك صراطا مستقيما بترك حظّك.
(وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً (٣))
__________________
(١) نصّ القشيري على «قبل النبوة» لأن الأنبياء معصومون من الذنب.
(٢) هذا أيضا قول عطاء الخراسانى.
(٣) ترك الأولى تعبير أدبى مهذب عن «الذنب». ويقال : كان الذنب المتقدم على يوم بدر قوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض». والذنب المتأخر كان يوم حنين حيث رمى جمرات فى وجوه المشركين قائلا : «شاهت الوجوه .. حم. لا ينصرون». فانهزم القوم عن آخرهم ، ولم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملا وحصباء. وعند عودة النبي مع أصحابه قال لهم : لو لم أرمهم لم ينهزموا! فأنزل الله عزوجل : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى.
(٤) روى الترمذي عن أنس أن النبي فرح بهذه الآية فرحا شديدا وقال : لقد أنزلت على آية أحب إلى ما على وجه الأرض».
(٥) ما بين القوسين الكبيرين موجود في ص وغير موجود في م.